من هي ؟
هي زوجة الخليفة العادل الصالح عمر بن عبد العزيز ، و رفيقته في شظف العيش . أخوها سليمان بن عبد الملك هو الذي استخلف زوجها عمر من بعده . و لكن كتب السيرة في جلها تبخسها حقها ، إذ تذكر مواقفها عرضا أثناء الحديث ، دون إيفاء تلك المرأة المؤمنة حقها من الإشادة . فهي ربية القصور و القصور مرتعها ، و هي التي قال فيها الشاعر :
بنت الخليفة و الخليفة جدها أخت الخلائف و الخليفة زوجها
وهي التي يحوطها عز السلطان من كل جانب ، و مع ذلك تنازلت عن كل ذلك بنفس رضية لما استخلف زوجها ، و رضيت بخشن العيش معه في حياته ، بل و أصرت أن تعيش على ذكراه مخلصة له بعد وفاته ، رحمهما الله و جمعهما في رياض الجنة . و هذه بعض جوانب من سيرتها العطرة ، جمعتها لكم من كتب السيرة ، و هي على قلتها كفيلة بأن تسطر لتلك المؤمنة صفحة خالدة في التاريخ الإسلامي ، و ترسم لنا معشر المسلمات أنموذجا يحتذى .
صبرها على زهد عمر في التمتع
لما أفضت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز ، سمعوا في البيت بكاءا عاليا ، فسئل عنه فقيل : إن عمر بن عبد العزيز قد خير زوجته أن تقيم معه – و قد شغل عن النساء بما في عنقه من أمر المسلمين – و بين أن تلحق بأهلها ، فبكت و بكت جواريها لبكائها ، و اختارت البقاء معه .
و تنازلت عن كل حليها
خير عمر رحمه الله فاطمة – و كان عندها جواهر نفيسة أهداه لها أبوها يوم زفافها – أن ترد حليها لبيت المال أو تفارقه ، لأنه يكره أن يكون هو و هي و ذاك الذهب في بيت واحد . فماذا قالت و هي ابنة العز و الترف ؟؟ ردت رحمها الله : بل أختارك يا أمير المؤمنين ، و على أضعافه لو كان لي !!! وأرسل إلى بيت المال ، فأبقاه الخازن عنده سرا رأفة بها .
فلما توفي زوجها ، و استخلف يزيد بن عبد الملك ، عرض عليها أن يرد إليها حليها التي احتفظ بها لها خازن بيت المال ، فقالت : أأطيعه حيا ، و أعصيه ميتا ؟؟؟ لا و الله أبدا !! فقسمه يزيد بين أهله وولده .
طعام ربيبة العز و الفخامة :
كان طعامهم : ثوما مسلوقا بملح و زيت !!
و حدث غلام عمر أنه دخل يوما على مولاته فاطمة ، فغدته معها عدسا ، فقال : كل يوم عدس ؟؟!! قالت : يا بني ! هذا طعام مولاك أمير المؤمنين !
حسن التصرف و كمال العقل
كان عمر رحمه الله يقسم تفاحا من فئ المسلمين ، فجاء ابن له صغير فأخذ منها ، فوثب إليه عمر و أخذها منه و ردها ، فذهب الطفل إلى أمه باكيا ، فلما أخبرها الخبر ، أرسلت بدرهمين فاشترت تفاحا و أطعمته ، ثم أعطت لعمر منه ، فقال : من أين هذا ؟؟ فقصت عليه الخبر ، فقال : رحمك الله ، لكأنما انتزعتها من قلبي ، و لكني كرهت أن أضيع نفسي من الله عز وجل بتفاحة من فئ المسلمين !!!
عتاب الأحبة :
دخل عليها يوما ، فجلس جنبها و ضرب على فخذها ، وقال ممازحا : يا فاطمة ، لنحن ليالي دابق أنعم منا اليوم ، فذكرها ما كانت نسيته من ترف العيش ، فضربت يده بعنف فنحته عنها ، و قالت : لعمري لأنت اليوم أقدر منك يومئذ ، فقام و قال بصوت حزين : يا فاطمة ! إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم !! فبكت فاطمة و قالت : اللهم أعذه من النار .
بعد وفاته :
لما توفي رحمه الله ، جاءها الفقهاء يسألونها : أخبرينا كيف كان حال عمر بينكم ؟؟ قالت : أفعل (أي أخبركم ) و لو كان حيا ما فعلت . و الله ما كان بأكثركم صلاة و لا صياما ، و لكني و الله ما رأيت عبدا قط كان أشد خوفا لله من عمر ، و الله إن كان ليكون بيني و بينه لحاف ، فيخطر على قلبه الشئ من أمر الله ، فينتفض كما ينتفض طائر وقع في الماء ، ثم يرتفع بكاؤه حتى أقول : والله لتخرجن نفسه ، فأطرح اللحاف عني و عنه رحمة له ، و أنا أقول : يا ليتنا كان بيننا و بين هذه الإمارة بعد المشرقين ، فوالله ما رأينا سرورا منذ دخلنا فيها !!
بكته حتى فقدت بصرها :
لما ذهب بصرها من كثرة البكاء ، دخل عليها أخواها : مسلمة وهشام ، فقالا : ما هذا الأمر الذي قدمت عليه ؟؟ أجزعك على بعلك ( حزنك على زوجك )؟؟ أم على شئ فاتك من الدنيا ، فنحن بين يديك . فقالت : ما من كل جزعت ، و لكني و الله رأيت منظرا له هول عظيم ، رأيته ذات ليلة قائما يصلي ، فلما أتى على هذه الآية ۞ يوم يكون الناس كالفراش المبثوث و تكون الجبال كالعهن المنفوش ۞ صاح : ” وااسوء صباااحاه ” ، و جعل يثب و يجول في الدار و يقول : ” ويلي من يوم يكون الناس فيه كالفراش المبثوب ، و تكون الجبال كالعهن المنفوش “ ، فلم يزل كذلك حتى طلع الفجر ، ثم سقط كأنه ميت ، حتى أتاه أذان الصلاة ، فوالله ما ذكرت ليلته تلك إلا غلبتني عيناي ، فلم أملك أن أرد عبرتي !!
۞ و الطيبات للطيبين و الطيبون للطيبات ۞ النور
Filed under: شموس مشرقة |
والله انه لشىء عظيم ضاع فى زمننا هذا وحرب ممن يرتدون عباءة الدين فانا لله ونا اله راجعون
هذه هي التضحيه التي قل مانشاهدنا في عصرنا الحاضر